كتب الباحث السياسي جواد سلهب
▪️عام مضى على اندلاع حرب لبنان في 23 أيلول، الحرب التي لم تكن مجرّد اشتباك حدودي بل تحوّلت إلى معركة استراتيجية أربكت العدو، وأسقطت رهاناته، وأكدت أن المقاومة في لبنان ليست متفرّجة بل لاعب أساسي في معادلة الصراع.
الأبعاد الاستراتيجية
▪️حرب لبنان كسرت "نظرية الحدود الآمنة" التي كان الاحتلال يتغنّى بها. للمرة الأولى منذ 2006، تحوّل الشمال الفلسطيني المحتل إلى جبهة مفتوحة، فيما عجزت القبة الحديدية أمام كثافة الصواريخ ودقتها. العدو الذي اعتاد القتال بجبهة واحدة وجد نفسه محاصراً من الجنوب اللبناني حتى البحر الأحمر والعراق واليمن.
التأثيرات
▪️داخلياً، هزّت الحرب ثقة المستوطن بمؤسسته العسكرية والسياسية. إقليمياً، تلقّت مشاريع التطبيع ضربة قاسية بعدما سقطت صورة "إسرائيل القوية". أما على مستوى محور المقاومة، فقد ترسّخ مبدأ وحدة الساحات، وتحوّل إلى واقع عملي أثبت أن أي عدوان على غزة أو لبنان لن يبقى محصوراً جغرافياً.
المآلات
▪️هذه الحرب أسست لمعادلة جديدة: أي حرب طويلة على لبنان أو غزة تعني تهديد وجود الكيان نفسه. لقد انتقلت المقاومة من موقع الدفاع إلى الهجوم المحسوب، وصارت تمسك بزمام المبادرة، بينما انكشفت هشاشة "الردع الإسرائيلي" أمام الرأي العام العالمي.
لو لم يدخل حزب الله…
▪️لنتخيّل السيناريو: لو بقيت جبهة لبنان ساكنة، لكانت غزة ابتُلعت تحت الركام، ولخرجت إسرائيل بانتصار دعائي وسياسي، ولانفتحت أبواب التطبيع على أوسعها. الأهم أنّ الردع الذي بناه الحزب منذ 2006 كان سينهار. لكن دخوله حمى غزة، وقطع الطريق على انتكاسة استراتيجية كبرى، ورسّخ معادلة جديدة: لبنان في قلب المعركة، وغزة ليست وحدها.
عام على حرب لبنان، والعبرة واضحة: هذه الحرب لم تكن جولة عابرة، بل محطة تاريخية أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، ورسّخت معادلة توازن الرعب ووحدة الساحات. الرسالة اليوم كما في 23 أيلول: من يعتدي على لبنان أو غزة، سيواجه محوراً بأكمله